هادي وبن دغر أدوات وموظفين عاديين تمتص جنوبيتهما بأجر يومي وشهري
يمنات
صلاح السقلدي
قال رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها، أحمد عبيد بن دغر، يوم الأحد الماضي، في بيان له نشرته وكالة “سبأ” للأنباء التابعة لوزارته، إن “على الحوثيين أن يعلموا أن الوقت قد حان للجنوح نحو السلام الذي يصعب تحقيقه قبل الإنسحاب من العاصمة وتعز والحديدة، وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط لطرف ثالث يمكن الوثوق به، وبقدرته على الإحتفاظ به في مكان آمن. فالإنسحاب وتسليم السلاح مفتاح للحل العادل وعودة الأمور إلى طبيعتها واستعادة الوفاق الوطني، فالفرصة لا زالت سانحة، ولا يجوز تفويتها، حيث يمكن الوصول إلى نقطة التقاء لا يكون فيها غالب ولا مغلوب، ولا منتصر ولا مهزوم. نحن أمام فرصة حقيقية للوصول إلى سلام لا نخسر فيه وحدتنا في شكلها ومضمونها الإتحادي الجديد الذي توافقنا عليه، إن بقيت لديهم رغبة حقيقية في بقاء البلد موحداً، أما بقاؤه جمهورياً فهو أمر محسوم في الأقاليم الخمسة ومحسوم لدى الغالبية من أبناء إقليم آزال”.
كلام بن دغر آنف الذكر أتى ليفصح عن أمرين على الأقل: أحدهما جديد والآخر مكرر ولكنه مرتبط ارتباطاً مباشراً بالأول وملازم له، وفقاً لما يريده بن دغر وشركاؤه. الأمر الأول أن هذا التصريح الذي أتى فجأة ودون سابق إعلان، هو عبارة عن إبلاغ المجتمع الدولي ولو على استحياء عن قبول بن دغر وحكومته ورئيسه، عبد ربه منصور هادي، أو ما يعرف بـ”سلطة الشرعية” للمبادرة التي ينوي المبعوث الأممي لليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، تقديمها لمجلس الأمن الدولي لإقرارها – ربما من خلال مشروع قرار بريطاني- وهي المبادرة التي دأبت “شرعية” هادي على رفضها رفضاً قاطعاً في الأيام الماضية، إلى درجة رفض استلام نسخة ورقية منها، قبل أن تتلقى- أي شرعية هادي- ضغوطاً من المجتمع الدولي ومن دول “التحالف” نفسها، وبالذات الإمارات، جعلها ترضخ شيئاً فشيئاً للأمر الواقع.
وهذا الإعلام الصريح من ابن دغر هو تفاد لمواقف قوية قد تصدر ضد حكومته ورئيسه من المجتمع الدولي ومن مجلس الأمن الدولي على وجه الخصوص. فعلى سبيل المثال، حين يتحدث عن أن طرفاً ثالثاً يحظى بالثقة من الجميع سيكون هو من سيتسلم الأسلحة الثقيلة يمثل تراجعاً واضحاً، وبالذات في هذا الموضوع الحساس (تسلم الأسلحة)، حيث يُعدّ هذا كلاماً جديداً لم يصدر من قبل عن تلك الحكومة التي كانت تصر على أن كل الأسلحة الثقيلة التي بحوزة الحوثيين وصالح يجب أن تُسلّم لها هي دون غيرها بصفتها كما تقول سلطة شرعية والطرف الآخر انقلابيين.
وفي الوقت الذي ظلت فيه هذه السلطة تصف المبادرة (مبادرة ولد الشيخ) بأنها مؤامرة عليها وأنها تؤسس لحرب يمنية طويلة المدى وأنها تتجاهل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، فهاهي اليوم تصفها بأنها مبادرة الفرصة السانحة للحل باليمن، بل وتحث الطرف الآخر الذي أعلن قبوله بالمبادرة على انتهازها.
و في الوقت الذي ظلت فيه هذه الشرعية تتمسك بخيار الحل العسكري، وتصر على أن الأمر يجب أن يفضي إلى حسم عسكري واقتحام صنعاء، هاهي أيضاً وإنفاذاً للرغبات الدولية المختلفة تتخلى عن هذا الهدف الإستراتيجي الذي قامت أصلاً الحرب لتنفيذه بقولها: إن الحل يجب أن ينتهي بنقطة التقاء لا غالب فيها ولا مغلوب ولا منتصر ولا مهزوم!
الأمر الثاني هو تأكيد بن دغر كما دأب عليه دائماً هو وعدد من وزرائه والرئيس هادي وقيادات بحزب “الإصلاح” على مضي هذه السلطة في تنفيذ مشروع الستة أقاليم، وتقسيم الجنوب إلى قطعتين جغرافيتين حضرمية وعدنية، ليتنسى بالتالي لهذه السلطة وللمملكة العربية السعودية الداعم الأبرز لتقسيم الجنوب ومسخ قضيته رسم خارطة سياسية جديدة باليمن تضمن مصالح السعودية وأطماعها، بالتوازي مع أطماع ومآرب حزب “الإصلاح” بالجنوب على حساب الجنوب ومستقبله السياسي. وما الضغوطات التي تمارس على المسؤولين المحليين والعسكريين وبعض قادة الحراك الجنوبي بحضرموت لإلغاء فعالية الإحتفال بعيد الإستقلال الوطني الجنوبي في 30 نوفمبر الجاري إلا نموذج لهذه الأطماع والمآرب الخطيرة التي تستهدف تكريس هذا المشروع وإنشاء وقائع جيوسياسية بين عدن والمكلا.
وبالحديث عن استفادة هذا الطرف وذاك من فرض هكذا مشروع، ينتصب أمامنا سؤال عارض: وما مصلحة الرئيس هادي ورئيس حكومته أحمد بن دغر من هذا المشروع؟ هادي وبن دغر لم يكونا إلا أدوات وموظفين عاديين يتم امتصاص جنوبيتهما بالأجر اليومي والشهري من قِبل الكبار- دول “التحالف” و”شرعية” هادي وحزب “الإصلاح” ذات النفوذ المالي والديني والقبلي- وبالتالي فموافقتهما (هادي وبن دغر) أو اعتراضهما لا تعني في نظر الكبار أكثر من تحصيل حاصل.
فحين يكرر بن دغر مع هادي عبارة متطابقة مثل عبارة: “مشروع الدولة الإتحادية من الستة أقاليم التي اتفقنا عليها بمخرجات الحوار)، وكأن هذا المشروع قد أصبح نافذاً ومتفقاً عليه من الجميع بمن فيهم الجنوب، فهذا يدل قطعاً على أنهما (هادي وبن دغر) مجرد منشديَن في كورس واحد يردد حرفياً ما تلقناه من قائد الأوركسترا من جمل وعبارات وإيقاعات على شكل بلطجة سياسية فجة مسنودة بالمال الخليجي المتدفق.